بفيلم "كرنتينة" للمخرج العراقى عدى رشيد، يصبح الفيلم الرابع، الذى يتم إنتاجه عقب الحرب علي العراق، بعد أن سبقته ثلاثة أفلام ، أولها فيلم "غير صالح للعرض" عام 2005 والذى كتبه وأخرجه عدى رشيد اثناء الحرب، وفيلمان للمخرج محمد الدراجى هما "أحلام" و " إبن بابل".

فى فيلم "كرنتينة" - وهو إنتاج مشترك بين العراق وألمانيا، والحاصل علي منحة سند لدعم الأفلام من مهرجان أبو ظبي السينمائى- ألقى المخرج عدى رشيد بشخصياته أمامنا، نخلق تاريخها كما نشاء، ولم يشأ أن يضعنا أمام حكاية تقليدية، بل قدمهم بطريقة تشبه لعبة الشطرنج، نحركها نحن بالطريقة التى نختارها..لكنا لا نجد خيط واحد يربط تلك الشخصيات - رغم تواجدهم فى مكان واحد- إلا الحب والجريمة والخوف والطفولة، والتى كانت نتيجة لتغيرات طرأت علي المجتمع العراقى، خاصة بعد الحرب..

فالبطل الرئيسي هو قاتل مأجور، مهمته جمع معلومات عن ضحاياه، يعيش فى منزل مهجور، مع عائلة، والتى بدورها تخلص حالة الإرتباك التى يعيشها أهل العراق منذ عام 2003 وحتى الأن.
و"كرنتينة" هى إحدى المناطق القديمة فى بغداد، والتى شهدت عمليات قتل وتصفية لعدد كبير من أبناء البلد، وذلك علي خلفية صراعات طائفية وجرائم منظمة- لذلك قد تبدو إشارة لحالة الحجر والحصار - النفسي والإجتماعى- للشخصيات فى الفيلم، تلك الحالة التى قد توازي حالة الحصار التى سبق وأنا عاشها العراقيون قبل وبعد الحرب..

فى الفيلم الذى تصل مدته إلى ساعة ونصف، كثف المخرج عدى رشيد احساس شخصياته، فى الكثير من لحظات الصمت والغضب والتأمل وأيضاً الحب، من خلال لغة سينمائية مختلفة، وربما بسبب رهانه علي المصور الشاب أسامة رشيد.. إضافة إلى أداء الممثلين الذى أكسب الفيلم طابع حيادي للمكان، لدرجة أننا كثيراً ما نفتقد إحساس تواجد الشصيات فى بغداد...

فى النهاية، يظل فيلم المخرج عدى رشيد "كرنتينة"، وغيره من المخرجين الجدد، بمثابة رغبة فى عودة جديدة للثقافة والسينما العراقية، من خلال الذاكرة التى يحاول الكثيرون مثل رشيد والدراجى توثيقها بأفلام جيدة، لديها القدرة علي المنافسة فى مهرجانات سينمائية فى العالم.

نسرين الزيات
Nesrin El Zayat